"افرح بسلامة" | مبادرة بسيطة انقذت فَرَحين وكارثة تهدد السلم الأهلي

"افرح بسلامة" | مبادرة بسيطة انقذت فَرَحين وكارثة تهدد السلم الأهلي
05 تموز 2020

 

لا يعلم من يلجأ للعنف المسلح واطلاق النار بالمناسبات أن الرصاص لا يعرف الفرح بل يعرف الموت، ورصاصة واحدة بحجم الإظفر كفيلة بانهاء حياة عشرات المواطنين، بما يشمل روح الضحية وحياة الجاني وعائلة الاثنين معاً. فكيف ساعدت مبادرة بسيطة في انقاذ كارثة وشيكة في احدى ضواحي القدس؟ وكيف يمكن أن ينقلب الفرح لمشكلة تهدد السلم الأهلي؟ ومن ينقذ الوطن غير شبابه! هنا كل القصة عن مبادرة "افرح بسلامة." 
بدأت القصة باتصال هاتفي لأحد المواطنين يستنجد به الشاب محمد خضر(أحد متطوعي مؤسسة  Act لحل النزاعات ضمن مشروع "أهل" لتعزيز السلم الأهلي) لحل مشكلة في ضواحي القدس التي تضعف فيها أجهزة انفاذ القانون الفلسطينية العامة، مفادها تهديد أحدى العائلات لأحد أصحاب قاعات الأفراح بكسر قرار اغلاق القاعات وفتح القاعة غصباً، على أن يحمل كل شخص من المدعويين سلاح يستخدمه ضد كل من يعترض الفرح المنوي إقامته بما فيهم الشرطة الفلسطينية أو صاحب القاعة نفسه. جاء ذلك التهديد بعد عدة اشتباكات مسلحة في ضواحي القدس بين الشرطة الفلسطينية وعائلات خرقوا قرار اغلاق قاعات الافراح الموضوع من قبل السلطة لحسر انتشار فايروس كورونا.
فمن جانبها، اتخدت السلطة الفلسطينية قرار اغلاق قاعات الافراح ضمن التادبير الاحترازية الضرورية للحد من انتشار الفايروس لاسيما أن العديد من الأفراح كانت مصدراً لانتشار الوباء. ومن جانب المواطنين، فهم يؤمنون أن تأجيل الأفراح يسبب مشاكل أكبر قد تنشأ بين العوائل وتؤدي إلى إنفصال العروسين.
على الفور، بادر خضر بطرح حل نصفي يحمي صاحب القاعة من المسؤولية من جهة ويرضي أصحاب الفرح من جهة اخرى بما يتضمن تحديد المدعويين واقامة العرس ضمن اجراءات السلامة المتبعة من قبل السلطة الفلسطينة ويشمل الحفاظ على التباعد، قياس درجة الحرارة ولبس الكمامات والقفازات.
وبناء عليه، حشد خضر متطوعين اخرين من مجموعة شمال شرق ضمن مشروع "أهل"، ليخصصوا فريقين إحدهما للقاعة المخصصة للنساء والاخر للقاعة المخصصة للرجال وذلك لضمان الحفاط على اجراءات السلامة العامة، كما تم تخصيص مكان أمام القاعة لاستقبال المدعويين وقياس درجة حرارتهم واعطائهم القفازات والكمامات والتأكيد على التباعد قبل الدخول للقاعة.
تقول المتطوعة في مبادرة "افرح بسلامة"، نور صلاح: "كانت تجربة كتير حلوة حسيت فيها بالانتماء والمسؤولية." واضافت: "كثير بفتخر بمشاركتي بالتطوع بهادي المبادرة."
ولم تقتصر المبادرة على الحفاظ على اجراءات السلامة. بل كان لدى المتطوعين وعي كاف بأن الرصاص هو الخط الرفيع الفاصل بين الفرح والمأتم، فبادروا بالحوار مع مطلقي الرصاص في الفرح ليستجيب مطلقي الرصاص بكل حب وتفهم ضمن حوار سلس وعقلاني.
يقول خضر أن الرضى والقبول عم المكان من قبل المدعويين وأصحاب الفرح وصاحب القاعة، حتى أن أحد الأعراس تم الغائه من قبل الشرطة الفلسطينية على مقربة من القاعة نفسها، فحجز أصحابه القاعة التي بدأت المبادرة منها وتم استكمال المبادرة للفرحين تباعاً لينقذوا بذلك الفرحين معاً.
ويضيف خضر عن شعوره بعد نجاح المبادرة: "حسيت حالي مقدم على مناقصة مية مليون دولار وربحتها."
من جانبه، يضيف المتطوع في المبادرة ضياء بشارات:" حسينا بسعادة كبيرة من تجاوب الحضور، وحسينا اننا ساعدنا بالحد من نشر الفايروس، لأن شخص واحد رح ينقل العدوى لكل المدعويين."
ويلتزم أصحاب القاعات بقرار الحكومة بالاغلاق، على الرغم من أن فواتير المياد والكهرباء واجارات المكان لم تقل 1% عن السابق، كما يلتزمون بالدفع في الوقت المحدد معتمدين على مصادر دخل أخرى بصعوبة كبرى.
ويوجه أصحاب قاعات الأفراح نداءات مستمرة للحكومة الفلسطينية لحل أزمة وضعتهم بين فكي كماشة، وتاهوا بين مطرقة الخضوع لكسر القرار من قبل عائلات تهدد بالعنف المسلح، وسندان التكاليف الباهظة التي لا تراعي الظروف الاقتصادية التي تمربها البلاد في ظل وباء كورونا. يقول أحد أصحاب القاعات: "سوينا المستحيل لنوصل صوتنا لابعد مستوى وصوتنا ما وصل لابعد من متر."
اليوم، يتوحد القلب والقلم حين نكتب تلك السطور في وصف مبادرة جديدة انطلقت طوعاً للوطن. تتسابق الحروف وتصطف تباعاً لوصف روحٍ جميلة وفكر يحيا به الوطن كما نحيا به وله.
إن حب الوطن والانتماء لكل أجزائه هو ما يحرك الدماء في قلب المتطوعين ليبادروا فوراً ودون ترتيب للحفاظ على السلم الأهلي وتخطي المشاكل، حب الوطن كذلك هو ما حرك مؤسسة Act لحل النزاعات لاحتضان والتمسك بمتطوعين يحملون أفكاراً تساعد في الحفاظ على السلم الأهلي وتجنب كوارث من العنف المسلح.
 

لمزيد من الصور الرجاء اضغط هنا.